الأجبية: كتاب السبع صلوات
كلمة "أجبية" مأخوذة من كلمة "أجب" القبطية ومعناها "ساعة". فالأجنبية هى ذلك الكتاب الصغير الهام الذي يحوى صلوات الساعات الليلية والنهارية المقررة كصلوات رسمية يصليها المؤمن كل يوم حسب طقس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
وهذه الصلوات من حيث عددها فقد ذكرها مرنم المزامير نفسه بقوله "سبع مرات في النهار سبحتك على أحكام عدلك" (مز 119: 164).
ومن حيث مواعيدها: باكر. الثالثة. السادسة.. الخ. فقد كانت تمارس في العهد القديم بهذا النظام بحيث لا تمر ثلاث ساعات إلا ويتذكر الإنسان فيها الله برفع قلبه إليه أثناء صلاة الساعة المقررة.
وقد مارسها الرب يسوع بنفسه، وقد مارسها الآباء الرسل بتدقيق وأوصوا المؤمنين بممارستها، وقد أسهب الآباء القديسون في شرح سبب كل صلاة وتوقيتها على ضوء حوادث وتعاليم العهد الجديد، وشددوا على كافة المؤمنين بالالتزام بها، فقال أحدهم: "من هذه الأوقات لا ينبغي أن تهمل عند الذين اختاروا أو يعيشوا لمجد الله" وقال آخر: "إن كنتم أيها المؤمنون تنفذون هذه الصلوات تشجعون على ممارستها فلا يمكن أن تقعوا في تجربة أو تهلكوا لأنكم تضعون المسيح دائمًا أمامكم".
أما عن الاثني عشر مزمورًا التي نصليها في كل صلاة، فيذكر التاريخ أن الآباء اجتمعوا لكي يضعوا النظام الذي ينبغي أن يختاروه للعبادة اليومية عند كافة المؤمنين، لكي يسلموه إلى من سيأتي بعدهم كميراث للتقوى مناسب لكل القامات الروحية، وكان بينهم اختلاف بخصوص تحديد عدد المزامير التي ينبغي أن تصلى في كل ساعة، إلى أن حان وقت صلاة الغروب قبل أن يصلوا إلى اتفاق، وبينما هم يستعدون لتكميل الصلاة قام ملاك في الوسط وابتدأ يسبح مرنمًا بالمزامير للرب وهم ينصتون بكل انتباه، وإذ به ينهى الصلاة بعد المزمور الثاني عشر ثم يختفي فجأة، وبذلك وضع حدا للمناقشة، وأصبح تسليما إلهيا أن يصلى المؤمن اثني عشر مزمورا في كل صلاة.
وهذا ما حدث عندما زار القديس مكاريوس أب الاسقيط الراهبين الروميين مكسيموس ودوماديوس في قلايتهما وبات عندهما ليلة، فلما حان وقت الصباح الباكر قال مكسيموس لأبيه القديس مقاريوس "أتشاء أن تقول الاثني عشر مزمورا، فقال نعم، فصلوا جميعهم، ولما انتهت الصلاة انصرف وهو يقول لهما "صليا من أجلى".
ومازال نظام الاثني عشر مزمورًا في كل صلاة معمولا به في صلوات الأجبية حتى وقتنا الحاضر مع اختلاف طفيف في بعض الصلوات.
الصلاة بالمزامير تسليم رسولي وآبائي هام جدا لا ينبغي التفريط فيه بسبب فوائده الكثيرة وبركاته التي لا تحصى، والتي ذكرنا بعض منها في هذا الكتاب.
ينبغي أن تستخدم الأجبية في الصلوات الفردية والعائلية كما هى مستخدمة في الصلوات الجماعية في الكنيسة، فصلوات الأجبية ليست موضوعة للرهبان فقط بل هى موضوعة لكافة المؤمنين، حتى لا تمضى ثلاث ساعات إلا ويتذكر فيها الإنسان الله حينما يحين موعد إحدى هذه السواعي. بذلك يحتفظ بذكر دائم لله، حتى في وسط أعماله ومشاغله، وبذلك ينجو من خطايا كثيرة وسقطات خطيرة ومهلكة.
الله الذي هو روح ويطلب الساجدين له بالروح والحق (يو 4: 23) يساعدنا لكي نقدم له صلوات نقية وعبادة طاهرة مقبولة وذبائح شفاه معترفة لاسمه وشاكرة لفضله يتنسم منها رائحة الرضا والسرور (تك 8: 21) ويبارك هذا الكتاب لكي يكون سبب بركة ونمو في حياة الصلاة لكل من يقرأ بشفاعة أمنا وفخر جنسنا العذراء القديسة مريم وكافة آبائنا الرسل الأطهار والشهداء الأبرار ورجال الصلاة القديسين آمين..